وقال: إذا أردت أن تصطفي إنساناً لنفسك، فلا بأس أن تمتحنه بما لا يصح الاصطفاء بدونه
وقال: لا تصحب إلا مَن تستطيع القيام بحقوقه ولا يحوجك لطلب حقوقك، لكمال قيامه بها
وقال: من عول في إسقاط حقوق إخوانه على قبول العذر، كان أقل ما يلقاهم به الغش والمكر
وقال: أكرم إخوانك إكراماً تستطيع الدوام عليه، وإلا كان مآل الأمر إلى الوحشة والقطيعة
وقال: التأويل على ضربين:
أحدهما: يدل على الكمال، وهو ما يُؤوَّلُ ليصل إلى الأفهام. وهذا النوع كثير في الكتاب والسنة.
والثاني: ما يُؤوَّلُ ليصح كونه حقاً أو غير باطل. وهذا يدل على النقص.
فكل شيخ يحتاج في صحبته إلى التأويل على الوجه الثاني، لا يكمل الاقتداء به، لأن التأويل لا يحصِّل كمالاً، وإنما يدفع نقصاً.
وقال: من أفرط في حب شهوة من شهوات الدنيا المباحة، وقع لا محالة في موجب النار أو العار
وقال: تَخاصَم العجزُ والحرمانُ: أيُّهما أضَرُّ على صاحبه؟! وترافـَعا إلى العقل، فقضى بينهما: أنَّ العجزَ أصلٌ، والحرمانَ فرعُهُ
وقال: ما من طويِّة إلا وفيها خفيِّة
وقال: إذا صلحت المقاصد لم يَخِبِ القاصد
وقال: الشيطان على إضلال العالِم أحرص منه على إضلال الجاهل، لأن العالم إذا ضلَّ يضلُّ بضلاله غيره، والجاهل ليس كذلك.
وقال: من أصلح نيته بلغ أمنيته
وقال: يصعب سلوك سبيل النجاة على مَن غلب على قلبه حب المال والجاه
وقال: الخوف الصادق يعمل في محو الشهوات النفسانية والهمم الدنية عمل النار في إحراق الأشجار
قال الله تعالى: (فـَأَصابَها إِعصَارٌ فِيهِ نارٌ فاحتَرَقَت) [البقرة: 2/266
والرجاء الصادق يعمل في استخراج النِّـيَّـات الطيبة والأعمال الصالحة عمل الماء في الأرض الهامدة الخاشعة
قال تعالى: (وَتَرى الأَرضَ هامِدةً فـَإِذا أَنزَلـْنَا عَليها المَـآء اهتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنـْبَتَتْ مِن كـُلِّ زَوْجٍ بَهيج) [الحج: 22/5].
وقال: ينبغي أن توقِدَ لك سراجاً من العلم النافع والعمل الصالح، تستضيء به في ليل ظلمات الدنيا، حتى يطلع عليك فجر الموت، أو شمس الساعة، فإنك إن بقيت في ليلها بلا سراج، تنتظر طلوع هذا الفجر، أو سطوع هذه الشمس، حَقَّ عليك قول الله تعالى:
(ومَن كَانَ فِي هَذِهِ~ أَعمَى فـَهُوَ في الآخِرَةِ أَعمى وَأَضـَلُّ سَبيلاً) [الإسراء: 17/72]
وقال رضي الله عنه: كفى بالنجاة من النار مثوبة، وكفى بحرمان الجنة عقوبة.
وقال: العالم بأسره متلاشي، وهو في الحقيقة لا شيء.
وقال: من رحمة ربك بك أن حجبك عنه.
وقال: الإفراط في الأمر آية على المصير فيه إلى التفريط.
وقال: مَن مَدَحَك عند رضائه بما ليس فيك، ذمَّك لا محالة عند غضبه عليك بما ليس فيك.
بَيتَا شِعرٍ:
إذا آنستُ من خِلٍّ جَفاءً فلا أجفـُو وإن هو قد جفاني
ولكني أفـارقه برفـقٍ وأُمسِك عن تناولِهِ لسـانـي
وقال رضي الله عنه: الذكر لله مغناطيس القلوب، يجذبها بخاصيته من مواطن الغفلة إلى عوالم الغيوب.
وقال: لا يطمع في بلوغ الآمال والأوطار؛ من لم يوطـِّن نفسه على ركوب الأهوال والأخطار.
وقال: لا ينبغي للعاقل أن يخاطب الجاهل، الذي يظن بنفسه العقل أصلاً. فإنه إن خاطبه على مقتضى عقله، كان مضيـِّعاً للعقل ومستهيناً بفضله. وإن خاطبه بحَسَب جهله، كان متشبـِّهاً به ومعدوداً مثله. قال الله تعالى لنبيه:
(خُذِ العَفـْوَ وَأْمُرْ بِالعُرْفِ وأَعرِض عَنِ الجاهلينَ) [الأعراف: 7/199]
وقال: من أرضاك بما يضرك في دينك- كالمداهنة لك وعدم النصح والتبصير بالعيوب- فهو لك عدو، وإن كانت نفسك تميل إليه من حيث طبعها وهواها. وهو كالطعام اللذيذ الملائم، وفيه السُّمُّ الناقع.
وَمَن أسخطك بما ينفعك في دينك- مثل التنبيه على العيوب والنقائص التي هي فيك- فهو لك ولي وإن كرهته بطبعك. ومثَلُه كالدَّواء المُرِّ الذي يكون في ضمنه العافية والشفاء.
وقال: من احبَّ أن يذكره الناس ويثنوا عليه بشيء من الكمال، وهو يعلم من نفسه خلافه. وكره أن يذموه بأمر يعلم من نفسه انطواءَ هُ عليه، حتى يصير يفرح ويميل إلى من يمدحه، وينفر ويكره من يذمه، فقد عظمت حماقته وتمت غباوته.
وقال: الإيمان شجرة ثابتة في أرض القلب، والاعتـقادات والمعارف الإيمانية بمنزلة الأصول والعروق لتلك الشجرة، والأخلاق المحمودة والأعمال الصالحة بمنزلة الفروع والغصون لها.
ومثال الموت، وما يعرض عنده من الفتن، ويحصل بواسطته من شدة الألم، كالسيل القوي الذي يجري على أصول هذه الشجرة، أو الريح المزعزعة التي تحرك فروعها، وتميل بها يميناً وشمالاً.
فإن لم تكن هذه الشجرة الشريفة، في نهاية القوة، والنمو، والرسوخ، فروعاً وأصولاً، خيف عليها الانقلاع في ذلك الوقت.
ومن أجل ذلك، اشتد خوف الأكابر من سوء الخاتمة، وزيغ القلب عند الموت.
ثم إن القوادح والعوارض التي تعرض لأصولها، من البدع والشكوك، والاضطراب في أمر الآخرة، يجري مجرى ما يعرض في أصول الشجر من الآفات والأخلاق المذمومة، و المعاصي تجري منها مجرى ما يقع لفروع الشجرة وأغصانها من العوارض.
فلا جرم أن كان الذي يقدح في الأصل ويوهنه، أضر على الشجرة كثيراً من الذي يقع على الفروع.
ولهذا عظم أمر البدعة والشك في اليوم الآخر. وكان على صاحبه أضر من المعاصي والمحرمات.
نسأل الله العافية، والوفاة على الإسلام.