وصّى الإلهُ وأوصتْ رسلُهُ فَلِذا # كان التأسّي بهم من أفضل العملِ
لولا الوصية كان الخَلْقُ في عَمَهٍ # وبالوصية دارَ المُلكُ في الدّوَلِ
فاعمل عليها ولا تُهمل طريقتها # إن الوصية حُكْمُ الله في الأزلِ
ذكرتُ قوماً بما أوصى الإله به # وليس إحداثُ أمرٍ في الوصية لي
فلم يكن غير ما قالوه أو شَرَعوا # من السلوك بهم في أقوم السُّبُلِ
فَهَدْيُ أحَمْد عينُ الدين أجمعه # وملّة المصطفى من أَنْوَرِ المِلَلِ
لم تَطْمِسِ العينَ بل أعطته قوّتَها # حتى يُقِيْمَ الذي فيه من المَيَلِ
وخُذْ بسرّك عنه من مراكزه # علوّاً إلى القمرِ العالي إلى زُحَلِ
إلى الثوابتِ لا تنزل بساحتها # وانهض إلى الدرج العالي من الحَمَلِ
ومنه للقَدَمِ الكرسيِّ ثمّ إلى # العرشِ المحيطِ إلى الأشكالِ والمُثُلِ
إلى الطبيعةِ للنفسِ النزيهةِ للعقلِ # المُقيَّد بالأعراضِ والعِلَلِ
إلى العَمَاءِ الذي ما فوقه نَفَسٌ # منه إلى المنزلِ المنعوتِ بالأزَلِ
وانظرْ إلى الجبلِ الراسي على الجبلِ # وقد رآه فلم يبرحْ ولم يَزُلِ
لولا العُلُوّ الذي في السُّفْلِ ما سَفُلَتْ # وُجوهُنا تطلب المرئيَّ بالمُقَلِ
لذلكم شرَعَ اللهُ السجودَ لنا # فنشهدُ الحقَّ في عُلْوٍ وفي سُفُلِ
هذي وصيّتنا إن كنت ذا نظرٍ # فإنها حيلةٌ من أحسنِ الحِيَلِ
ترى بها كلَّ معلومٍ بصورتهِ # على حقيقةِ ما هُوَ لا على البَدَلِ
حتى ترى المنظرَ الأعلى وليس لهُ # سواكَ مَجْلَى فلا تبرحْ ولا تَزُلِ
فإن دعاكَ إلى عينٍ تُسَرُّ بها # فلا تُجِبْهُ وكُنْ منه على وَجَلِ
إنّا إناث لِمَا فينا يُوَلِّدُهُ # فلنحمدِ اللهَ ما في الكونِ من رَجُلِ
إنّ الرجالَ الذين العُرْفُ عَيَّنَهُمْ # هم الإناثُ فَهُمْ نَفْسِي وهم أَمَلِي