وقال: لا يكمل حال الداعي إلى رب العالمين، حتى يصير قوله وفعله حجة على جميع المؤمنين.
وقال: إذا رأيت العالِم يفيد بقوله دون فعله، فاعلم إنه ناقص. وإذا رأيت المتعلِّم تفيده الأقوال، ولا تؤدِّبه الأفعال، فاعلم أنه عن التحصيل ناكص.
وإذا رأيت الطالب ينتفع بأقوال شيخه، ولا ينتفع بأفعاله، فانظر فإن لم تَرَ في أفعال الشيخ ما تحصل به الفائدة، فليس بشيء. وإذا رأيت أفعاله تفيد، ولكن لا يحسن الطالب أن يستفيد، فلا تعتد به.
وقال: من أحبَّ أن يوصف بما ليس عنده من الخير، وكره أن يذكر بما فيه من الشر، فاعلم أنه مراءٍ.
وقال: كثيراً ما يلتبس الحياء المحمود بالجبن المذموم، والفرق بينهما: أن كل حياءٍ حملك على ترك خيرٍ وَوَقعتَ بسببه في شرٍّ، فهو الجبن المذموم، وليس بالحياء، لأن الحياء لا يأتي إلا بخير. كما في الحديث.
وقال: مَن أهمل الصدق حيث يٍخاف، استعمل الكذب حيث يرجو.
وقال: من نظر إلى الدنيا بعيني رأسه، رأى غروراً وزوراً. ومن نظر إليها بعيني قلبه، رأى هباءً منثوراَ.
وقال: في الحرص على المال هلاك الدِّين، وفي الحرص على الجاه هلاك الدين والمال جميعاً.
وقال: ليس واضع المال في غير حقِّه بأقل إثماً من ماسكه عن حقه.
وقال: من أمسك شيئاً يرى أن إنفاقه خيرٌ من إمساكه، فهو من المؤثرين للدنيا.
وقال: مشاهدة المؤثرين للدنيا تمحو حب الآخرة من القلب. فكيف بالمجالسة والمخالطة؟
وقال: كفى بفقدان الرغبة في الخير مصيبة! وكفى بالذل في طلب الدنيا عقوبة! وكفى بالظلم حتفاً لصاحبه! وكفى بالذنب عاراً للِمُلِمِّ به
وقال: من ترك الحزم للوهم، فهو أحمق! ومن أقام على الشك مع إمكان المصير على اليقين، فهو أخرق
وقال: ينبغي أن يدور كلام العالم بالله مع عامة المؤمنين، على ثلاثة أمور:
الأول: التذكير بالنعم.
والثاني: إلزام الطاعة.
والثالث: اجتناب المعصية.
فكل عالم أخذ يتكلم مع العامة بغير ما يدخل تحت هذه الثلاثة؛ فهو فتـَّان.
وقال: رحمةٌ تطلبك، ورحمة تطلبها
فالتي تطلبك: رحمة الهداية بالبيان. ولأجلها كان إرسال الرسل وإنزال الكتب. والتي تطلبها: هي الجنة، تسعى لها بالعمل الصالح، على قانون العلم النافع.
وقال: دواعي الحرص على الدنيا ثلاثة
أحدها النظر إليها بعين الاستحسان. وعنه يكون حب البقاء للتمتع.
والثاني: تعظيم الناس لأربابها، ومنه يكون التفاخر والتكاثر.
والثالث: تَوَهُّم أن لا قِوام بدونها. وعنه ينشأ البخل وخوف الفقر.
وقال: أجهل الجاهلين من تزيده المعرفة بسعة رحمة الله جرأة على معاصيه
وقال: من حَدَّث نفسه بالتوبة من الذنب قبل الوقوع فيه، دعاه ذلك إلى فعله
وقال: مَثلُ الذي يُذنب ليتوب، مَثلُ الذي يدنس بدنه وثيابه ليغتسل! وما هكذا ينبغي. إنما ينبغي أن يحترز من الدنس ما استطاع، ثم إن وقع بحكم الغفلة والسهو، كان الواجب عليه التنظف في الحال.
وقال: مَثلُ الأخوة في الله مَثلُ الشجرة، تُسقى بماء التزاور، وتثمر التعاون على البر والتقوى. فإذا لم تسقَ الشجرة يَبِسَت، وإذا لم تُثمِر قُطِعَت.
وقال: إذا عملتَ الطاعة، فانظر إن شئت في بدايتها التي كانت بحول الله وقوته وحسن توفيقه، وبذلك ينتفي الإعجاب، ويبقى شهود المنة لله تعالى.
وإن شئت نظرت في نهايتها التي هي جزيل الثواب، وحسن المآب، وعنده تعظم الرغبة وتخف المداومة. والأول أتم.
وإذا وقعت منك المعصية، فإياك أن تنظر إلى بدايتها التي هي التقدير، فيدعوك ذلك إلى الاحتجاج على الله، وهو أعظم من المعصية. ولكن ينبغي أن تنظر في نهايتها التي هي أليم العقاب، وعنده تبادر إلى التوبة، وتعظم الرهبة.
وقال: من مكارم الأخلاق: التواضع في الرفعة، والتجمل في القلة، والاقتصاد في الثروة.
وقال: العاقل الذي لا علم له؛ كالرَّشيد الذي لا مال له!! والعالم الذي لا عقل له؛ كصاحب المال الذي لا رشد له
وقال: سخِّر عقلك لعلمك، وسخِّر نفسك لعقلك.
وقال: ما الشأن شهود التقصير في التقصير، إنما الشأن شهود التقصير في التشمير
وقال: يكون الخير في الأكثر شاقاً في الحال، حلواً في المآل، ومَثلُ فاعله مَثلُ الذي يصعد في العقبة الكئود، لا يجد الراحة حتى ينتهي إلى أعلاها.
والشر يكون في الأكثر حلواً في الحال، وشاقاً في الاستقبال، ومَثلُ فاعله مَثلُ الذي يقع من ذروة جبل أو بيت لا يجد الألم حتى يقع على الأرض.
وقال: لا ينبغي أن تعتدّ بأخوَّة أخٍ يستطيع أن ينفعك فلا يفعل