Scroll untuk baca artikel
religi

Kitab Al-Hikam Imam Al-Haddad, Bacaan Lengkap

Redaksi
×

Kitab Al-Hikam Imam Al-Haddad, Bacaan Lengkap

Sebarkan artikel ini
Al-Hikam Imam Al-Haddad
Kitab Al-Hikam Imam Al-Haddad

وقال رضي الله عنه ونفع به: الدنيا تنادي على نفسها بلسان الحال، خطاباً للراغبين فيها: احذروني فإنني فتنة، وخذوا مني زاد الآخرة. وامتثلوا أمر الله لكم، في ترككم إياي. واعتبروا بمن مضى من قبلكم، من الزاهدين فيَّ والمتمتعين بي. وانظروا في سِيَرِهم، وكيف ذهبوا وانقلبوا إلى الآخرة. الزاهدون منهم بنعيم لا ينقضي، وأهل الحرص بحسرة لا تنقطع.

وقال: الكمال أربعة أجزاء:
العلم، وبه يُعرَف حق الله تعالى. والعمل بالعلم، وهو القيام بأمر الله.
والإخلاص في العلم والعمل، وهو تصفية ما لله.
والبراءة من الحول والقوة، وهو الاعتماد على الله.
فمن عرف حق الله، وقام بأمر الله، وصفى ما لله، واعتمد على الله، فهو الإنسان المرتَضى، الولي لله المجتَبى.

وقال رضي الله عنه: السماع يشفي السقيم، ويحيي الرميم، إذا وقع من أهله مع أهله في الوقت القابل لذلك، والمحل اللائق به. وهو فتنة على المستمع بالحظ والهوى، وعلى المسمـِّع على هذا الوجه.

وقال: لا بد للإنسان في الوصول إلى سعادات الآخرة من أمرين:
أحدهما: الهداية والتوفيق من الله. وهو بمنزلة الغيث الذي يصيب الأرض.
والثاني: السعي إلى الله على منهاج الاستقامة، وهو بمنزلة الحرث للأرض، وتعهدها بما تحتاج إليه من البذر، والتربية والحفظ، وتنحية المؤذي، إلى غير ذلك.
فحرث الأرض دون أن يصيبها السيل عناءٌ وتعبٌ بلا حاصل. وإصابة السيل لها مع ترك الحرث إضاعة.
فالتوفيق من الله كالغيث، ليس للعبد فيه مدخل، وذلك هو الحقيقة. والسعي والاجتهاد الذي هو بمنزلة حرث الأرض وتعهدها إلى العبد، وهو كسبه، وعنه يُسأل، وعليه يُجزى، وذلك هو الشريعة.

وقال رضي الله عنه: الدنيا بمنزلة البادية المخوفة، الكثيرة السـُّرَّاق والغُصَّاب. والآخرة بمنزلة المدينة الخصيبة الآمنة. والإنسان خرج إلى الدنيا ليأخذ مما فيها، فيقدِّمه للآخرة.
فالعاقل كلما حصل في يده شيء من أمتعتها قـَدَّمه أمامه، ليـُحفظ ويأمن عليه، وينتفع به إذا وصل إلى محل استقراره وهي الآخرة.
والجاهل يحتبس ما معه عنده بخلاً به، فإما أن يأخذه الغـُّصَّاب من يده؛ وهي أمثال آفات الدنيا. وإما أن يسافر هو من البادية التي لا قرار له بها على القهر منه، ويُكَلـَّف ترك ما معه، فيأخذه من يبقى في المحل الذي انتقل عنه.
هذا مثال عجيب، فليفهمه العاقل اللبيب. قال الله تعالى:
(وَتِلكَ الأَمثالُ نَضْرِبـُها لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلـُها إلاَّ العالِمونَ) [العنكبوت: 29/43].

وقال رضي الله عنه: الخوف لا ينتفي، ولا يذهب عن المؤمن، وإن كان قوي الإيمان صالح العمل. بل كلما كان الإيمان أكمل والعمل أصلح، كان الخوف أعظم. مثال ذلك:
الإنسان يكون معه الذهب، والفضة الكثيرة، والأقمشة المليحة، وهو مسافر في خبت مخوف، أو بحر مغرق. فالمال الذي يتوصل به إلى الغنى والشرف معه، ولكنه لا يَنْتفِعُ به، ويشتد خوفه على فوته، ولا يخاف من ليس معه شيء.
ثم إنه لا يتم سرور صاحب هذا المال بماله، وينتفي عنه الخوف حتى يصل البندر، ويتيقن السلامة.
فالآخرة هي بندر الأمن، والدنيا هي البحر المغرق، والخبت المخوف، والمسافر هو الإنسان، والنقود والأقمشة التي تكون معه هي المعارف الإيمانية والأعمال الصالحة، والأمور التي يَخشى منها في هذا السفر على هذه الأمتعة الشريفة هي الشكوك والآفات التي تعرض للإيمان والأعمال الصالحة فتفسدها. نسأل الله العافية.

وقال رضي الله عنه ونفع به: تذهب الدنيا شيئاً فشيئاً، حتى لا يبقى منها شيء.

وقال: كلام أهل الإخلاص والصدق نورٌ وبركةٌ، وإن كان غير فصيح. وكلام أهل الرَّياء والتـَّكلـُّف ظلمةٍ وخيبة، وإن كان فصيحاً.

وقال: من لم تكن له بصيرة تهديه، طال تعب المعلـِّمين والمؤدِّبين فيه.

وقال: من تكبَّر على الحق وأهله، ابتلاه الله بالذل والباطل وأهله، فيجتمع عليه عند ذلك مصيبتان وعقوبتان، وتفوته منقبتان ومثوبتان.

وقال: المؤمن يتجوز في العادات ولا يتجوز في العبادات. والمنافق يتجوز في العبادات ولا يتجوز في العادات.

وقال: من لم يتهم نفسه في كلِّ وردٍ وصَدَر، وقع منها كُلُّ البلايا الكـُبَر.

وقال: رُبَّ داعٍ إلى الهوى والطبيعة، وهو يدَّعي أنه يدعو إلى الدين والشريعة.

وقال: العلم عليك حتى تعمل به، فإذا عملت به كان العلم لك.

وقال: ما أظـَلـَّت الخضراء ولا أقلـَّت الغبراء أشد حماقةً ممن يعلم حُسن شيء وهو له تارك، ويعلم قـُبحَ شيء وهو له فاعل.